الإقتصاد غير الرسمى
منذ سنوات ونحن نسمع مصطلحات، الإقتصاد الموازى، الإقتصاد الرمادى، الإقتصاد غير الرسمى، وكأنه وحش يجب القضاء عليه والحقيقة أن هذا الإقتصاد خير كبير للبلد، فهو مخزون طاقة للإقتصاد، وعندما يظهر سيضيف لمعدلات النمو والناتج المحلى نحو 50%.
هل هذا لاإقتصاد ظهر فجأة؟ بالطبع لا، فهو موجود ومرادف لحياتنا منذ قديم الأزل، فهذه الحرف اليدوية، الخدمات الوسيطة، كلها تعنى أن دخول نصف المجتمع تأتى من أموال ومدخرات النصف الاخر، ولكنها تسير فى قنوات غير مرئية، ولا يتم سداد ضرائب عنها، ولا تسجل فى أوراق فماذا لو ظهر هذا الإقتصاد بشكل واضح؟ كم سيكون معدل النمو، والناتج المحلى، ومعدلات البطالة؟ بالتأكيد لو ظهرت هذه المؤشرات ستزيد من تصنيف مصر الإئتمانى، وتحقق الشفافية المطلوبة فى السوق.
بعد أحداث يناير الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل تمكنت من الحياة والبقاء إعتمادا على هذا الإقتصاد الموازى، فدخول هذه الفئات يعتمد على دخول فئات أخرى ، ومن هنا فإن بقاء هذا الإقتصاد يعنى صمام أمان للمجتمع، ويحافظ على الأمن القومى ، والسلام الإجتماعى.
الحكومة تحاول جاهدة منذ سنوات أن تنظم هذا القطاع الواسع والعريض ومتنامى الأطراف، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ إنه يمكن عن طريق الترغيب وليس الترهيب، لو قلنا أنهم سيدفعون 1% ضرائب لن يحقق ذلك المطلوب، ولكن لو قلنا أن من يسجل نفسه فى قاعدة بيانات حكومية تحدد لهذا الغرض، فإنه سيحصل على ضمان إجتماعى، وقروض لتطوير إمكانياته بدون فوائد، ومساعدات فنيه لتطوير أعماله، إضافة إلى تسجيله فى شركات كبرى لتشغيل العمالة فى مختلف المجالات، هذا وحده كفيل بترغيب الناس وجذبهم طواعية واختيارا لتسجيل أنفسهم، بل وأيضا تقديم فواتير عن خدماتهم مع الأطراف الأخرى، وهو ما يعنى معرفة حجم الأموال المتداولة فى الأسواق، ومن يعطى، ومن يأخذ.
إفتحوا للناس طريق للحياة وتكفينا نظرة الجباية التى أضاعتنا ، إمنحوا هذه الاعمال الصغيرة فرصة لتنمو فى أحضان الإقتصاد الرسمى، فبهذه الطريقة سنضاعف حجم الإقتصاد المصرى ، وسنحقق المؤشرات التى نطمح إليها.