كلام في الضرائب
الطريق الأهم لتحقيق العدالة الاجتماعية هو إيجاد وتفعيل منظومة ضريبية ناجحة، فمن يملك يدفع، ومن يكسب لابد أن يلتزم بدفع ما عليه من ضرائب كما يحدث في كل الدول الرأسمالية والاشتراكية علي السواء
ومن المهم أن يتم إصدار قانون بتحويل جريمة التهرب من الضرائب إلي جريمة مخلة بالشرف، لا يستطيع من يرتكبها أن يعين بالوظائف العامة أو يترشح للبرلمان وأن يتم حرمانه هو وأولاده من دخول السلك القضائي أو كليات الشرطة أو الكليات العسكرية وغير ذلك مما يترتب علي الجرائم المخلة بالشرف.
للأسف الشديد هناك خلل جسيم في المنظومة الضريبية المصرية، فدافعو الضرائب هم طبقة الموظفين الحكوميين أو غير الحكوميين، وكل من يتقاضي أجرا ثابتا من أية جهة، ودون ذلك هناك قطاع ضخم من الاقتصاد الهامشي يضم تجار الأراضي والعقارات وتجار الحبوب و اللحوم والخضر والفاكهة والكثير من أنواع التجارة الأخرى ، والعاملين في المهن الحرة التجارية وغير التجارية ، وهو قطاع يضم الملايين من المليونيرات الذين لا يدفعون ضرائب في معظم الأحوال وإن دفعوا لا يدفعون إلا النذر اليسير.
هذا القطاع الهامشي الضخم ، بالإضافة إلي قطاع من الشركات والأفراد يتلاعب بالدفاتر والسجلات، كفيلان بحل جانب كبير من مشكلات تمويل الاقتصاد المصري لو تم اخضاعهما للضريبة العادلة المستحقة، ودفعوا كامل مستحقاتهم، ووقتها لن تحتاج مصر إلي المعونات أو المساعدات من هذه الدولة أو تلك.
الملاحظ أن وزراء المجموعة الاقتصادية يتركون القضية الرئيسية في كيفية إقامة نظام ضريبي عادل يطبق علي الجميع بشفافية وصرامة كما يحدث في كل المجتمعات، ويسلكون طرقا أخرى لا تحقق هذا الهدف، وهو ما يجعل الحالة الضريبية في مصر كارثة تحتاج حل جذري عاجلل، من خلال إعادة هيكلة مصلحة الضرائب ودعمها ماديا ومعنويا وبشريا علي أن يتزامن ذلك مع إعادة تخطيط الاقتصاد المصري بشكل واضح لضم الاقتصاد الهامشي إلي الاقتصاد الرسمي، وربط كل التعاملات التي تتم مع اجهزه الدولة بالضرائب.
ان المهمة الرئيسي لوزير المالية هي انجاز الاصلاح الضريبي الشامل، ومد مظلة الضرائب علي جميع شرائح الاقتصاد المصري الرسمي وغير الرسمي وهي مهمة ثقيلة لكنها ممكنة، فهى في النهاية تعني توفير موارد ضخمة مستحقة للخزينة المصرية، وفي الوقت نفسه تحقق العدالة الاجتماعية بمفهومها العصري، فلا يجوز أن تخضع شريحة بسيطة من المجتمع للضرائب، وتترك باقي الشرائح التي تربح الملايين دون أن تدفع مليما واحدا، وإن دفعت فهي تدفع «الفتات» بشكل يحرم خزينة الدولة من أهم مواردها.
هذه القضية لابد أن تكون ضمن الأولويات العاجلة للحكومة، لأنها تتعلق بموارد الخزينة وبمستقبل دولة تسعي للنهوض والوقوف علي قدميها بعيدا عن المعونات، وفي الوقت نفسه تحقيق العدالة الاجتماعية بمفهومها العصري والشامل.